الشيخ حمد جابر مبارك الصباح الامين العام للمجلس العربي الافريقي للتكامل و التنمية مساهمة التقنيات الرقمية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة
مساهمة التقنيات الرقمية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة
الشيخ حمد جابر مبارك الصباح
الامين العام للمجلس العربي الافريقي للتكامل و التنمية
تعد التكنولوجيا والعلوم وبناء القدرات من الركائز الرئيسية لوسائل تنفيذ خطة ما بعد عام 2015 وعمليات متابعة ريو +20حيث يرتبط البحث والتطوير والتوزيع والانتشار الواسع للتقنيات السليمة بيئيًا في سياق الاقتصاد الأخضر ارتباطًا وثيقًا بالعناصر الأساسية الأخرى ووسائل التنفيذ، بما في ذلك الابتكار وفرص الأعمال والتنمية وتجارة السلع والخدمات البيئية والتمويل والاستثمار والقدرات المؤسسية من أجل القضاء على الفقر وإعادة توجيه مسارات التنمية غير المستدامة الحالية خلال الفترة من 2015 إلى 2030 لتطوير حلول تكنولوجية ميسورة ونشرها على نطاق واسع في السنوات الخمس عشرة القادمة. ومع ذلك، في عام 2012 دعا مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة "ريو +20" إلى تحديد آلية تيسير التكنولوجيا، كما أقرّت خطة عمل أديس أبابا خلال المـؤتمر الـدولي الثالـث لتمويـل التنميـة "يوليو 2015" في فقرتها 123، إنشاء آلية لتيسير التكنولوجيا، على أن يتم إطلاقها في مؤتمر قمة الأمم المتحدة لاعتماد خطة التنمية لما بعد عام 2015 من أجل دعم أهداف التنمية المستدامة (2030).
التكنولوجيا الرقمية والتنمية المستدامة: الفرص والتحديات
دخلت التكنولوجيا الجديدة " الثورة الرقمية" في ذلك تقنيات مثل الواقع الافتراضي والتصنيع الإضافي أو الطباعة ثلاثية الأبعاد، أو الذكاء الاصطناعي (للأغراض العامة) ، أو الأنترنت في الخطاب العام في العديد من البلدان. من الواضح بشكل متزايد أن التغييرات الرقمية التي يُشار إليها بالثورة الرقمية أصبحت قوة دافعة رئيسية في التحول المجتمعي بحيث سيشمل بشكل جذري جميع أبعاد المجتمعات والاقتصادات العالمية ، وبالتالي سيغير تفسير نموذج الاستدامة نفسه. الرقمنة ليست مجرد "أداة" لحل تحديات الاستدامة، بل هي أيضًا أساسية كمحرك للتغيير.
بالإضافة إلى ذلك هناك قلق من الثورة الرقمية على سوق العمل والتي من المحتمل أن تؤدي إلى اختفاء الوظائف علاوة على ذلك ، فإن طرق العمل الجديدة والأكثر مرونة يمكن أن تؤثر على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، بينما أشار البعض إلى أن التقنيات الجديدة قد تُخلق أيضًا وظائف جديدة، على سبيل المثال في علوم الكمبيوتر والبيانات، فإن هذا سيتطلب قدرًا كبيرًا من إعادة المهارات لشرائح كبيرة من السكان وهنا يبرز دور القطاع الخاص في "تحسين مجموعات المهارات بما يتماشى مع التطورات التكنولوجية الجديدة".
تقنيات جديدة لتسريع تقدم أهداف التنمية المستدامة
تلعب التكنولوجيا الرقمية دورًا حاسمًا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة على الرغم من أن الابتكار سيؤثر على الأرجح على التقدم في كل من الطرق الإيجابية والسلبية. قد يكون نشر التقنيات الجديدة ضروريًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ، مع الأخذ في الاعتبار الحاجة إلى تسريع التقدم لتحقيق الأهداف بحلول عام 2030. وفي الوقت نفسه ، نظرًا لأن التقنيات الجديدة عادةً ما تكون غير متاحة للسكان المهمشين، مما ستشكل أحد التحديات الرئيسية لتحقيق الهدف المرجو.
يمكن للتكنولوجيا الرقمية أن تساعد في دمج مصادر الطاقة المتجددة ورقمنة عمليات التصنيع تعزيزا للهدف 9 من اهداف التنمية المستدامة(طاقة نظيفة وبأسعار معقولة) ، كما انها فرصة لاستكشاف إمكانات المدن الذكية تدعيما للهدف 11 (المدن والمجتمعات المستدامة)، حيث يؤدي الجمع بين الاتصال الرقمي والبيانات ومعرفة المواطنين إلى توفير فرص للخدمات العامة لتصبح أكثر تكيفًا مع احتياجات السكان. كما ارتبط الهدف 12 (الاستهلاك والإنتاج) بالتداعيات الاجتماعية والبيئية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وصناعة الهواتف الذكية، مثل توليد النفايات الإلكترونية وظروف العمل في استخراج المعادن التي تصنع منها الأجهزة الرقمية، وفي الوقت نفسه، يمكن أن تكون تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أيضًا عاملاً تمكينيًا للاستهلاك والإنتاج المستدامين. ل
جدير بالذكر، أن تأثير الثورة الرقمية على قطاعات الطاقة والنقل والإنتاج والاستهلاك يمكن أن يكون له عواقب إيجابية كبيرة على التخفيف من آثار تغير المناخ. إن انخفاض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من قطاع طاقة أكثر كفاءة ومتجددًا بشكل متزايد، وزيادة استيعاب السيارات الكهربائية الى جانب قطاع تصنيع أكثر كفاءة وأقل إهدارًا، سيقطع شوطًا طويلاً لضمان عالم خالٍ من الكربون على نحو متزايد، كما دعت إليه أهداف التنمية المستدامة وبالمثل، فإن قطاع الزراعة واستخدام الأراضي الذي يعتمد بشكل أكبر على التكنولوجيا مع تحسين إدارة المياه، سيساعد في تقليل الانبعاثات، كما ستؤدي المباني الذكية والبنية التحتية والمدن إلى انخفاض كبير في الطلب على الطاقة والآثار المناخية المرتبطة بها.
يعد تطوير تقنيات الاستشعار المتقدمة أحد أهم التطورات التي حققتها التكنولوجيا في علوم المناخ والتخفيف من آثار تغير المناخ. إن تقنية الوصول إلى بيانات بيئية دقيقة في الوقت الفعلي ودقيقة للموقع أمرًا بالغ الأهمية لكل من جهود مراقبة المناخ والتخفيف من آثاره، فأصبحت المستشعرات الذكية موجودة في كل مكان تقريبًا في كل قطاع ذي صلة بتغير المناخ يمكنها قياس انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والميثان من قطاعي الطاقة والزراعة، والتلوث من قطاعي التصنيع والنقل.
إن عصر التكنولوجيا الخضراء آخذ في الارتفاع الآن، مع زيادة في التحول الرقمي المبتكر حيث سيلعب دورًا مهمًا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال تحسين كفاءة وفعالية طرق التنمية الجديدة والأكثر استدامة من القضاء على الفقر وتحسين الصحة والتعليم الى تعزيز الرخاء والرفاهية من خلال مراعاة الاستدامة البيئية، يمكن تعزيز هذه العمليات من خلال تبادل المعرفة والتعاون بين أصحاب المصلحة في السياقين الوطني والدولي.